Admin Admin
عدد الرسائل : 36 تاريخ التسجيل : 29/09/2007
| موضوع: فـداءً للــوطــن - قصة قصيرة- السبت أكتوبر 13, 2007 10:01 pm | |
| فداءً للوطن
"...هي أرض أشرقت منها شمس الأديان، و الآن.. أصبح الدفاع أو التخلي عنها عند الناس سيان.. أرض رويت بدم الأجداد، وستنال حريتها بعد أن تروى.. بدم الأحفاد".
كانت هذه العبارات تنساب بنعومة في فكر الطفل الصغير أحمد، هي عبارات جده التي لا تفارقه أبدا..
كان أحمد متجها نحو مدرسته، رغم أن الأحوال غير مناسبة لخروج طفل لوحده، فالعدو يتربص بأبناء شعبه.. في كل حي وشارع، رافعا مدافعه ..وموجها دباباته.. في وجه أيد صغيرة ..لا تحمل سوى أحجارا.
تذكر أيضا وصية أمه إليه هذا الصباح.. فقد قالت:" اسمع يا ولدي...إذا رأيت جنود الأعداء،فلا تقترب منهم و لا تشارك في رشقهم بالحجارة ,أنت آخر من بقي لي في دنياي فلا ترحل و تتركني."
هو قد وعدها أن ينفذ وصيتها.. ولكنه يعلم أنه إذا قابلهم-وحتما سيقابلهم- لن يكون في وسعه غير نقض عهده...
إن أباه شهيد, استشهد وفي يده بندقية، يدافع بها عن منزله وأرضه ..اللذان حاول العدو سلبهما منه.. وقد استشهد إخوته الأربعة الأكبر منه.. الواحد تلو الآخر.. فداءا للوطن.
وهو لا يظن بنفسه أنه سيكون ذاك الجبان.. الذي سيتهرب من مواجهة مغتصبي أرضه...
طبعا هي أفكار أكبر من مخيلة طفل، بالكاد يبلغ الثمان سنوات،و لكن أطفال هذا البلد بالذات، يولدون ودم التضحية و النضال يسري في عر وقهم..
وبينما أحمد مبحر في يم أفكاره.. إذ رأى بعض أصدقائه يرشقون سيارة العدو بالحجارة، فانضم إليهم دون تفكير. استمر تبادل إطلاق النار بالحجارة ساعة أو نصف ساعة، لم يشعر بها أحمد.
وفجأة سمع صوت يقول:" قد أصيب عدنان"
عدنان أكبر منه بأربع سنوات، و لم ينسى أحمد بعد شجاعة هذا الصديق.. عندما خلصه في أحد الأيام من بين يدي جندي عدو.
استدار ليرى صديقه، فوجده مستلقيا على ظهره ..ولمح ثقبا صغيرا أحمرا يتوسط جبهته. .
لم تمضي عشر دقائق أخرى حتى سقط أعز أصدقائه جمال..
فترك المكان الذي كان يختبئ فيه، واتجه نحو صديقه ..
لكنه أحس بشيء يخترق صدره.. في موقع القلب بالذات . . لقد أصابته رصاصة.. لكنه لم يحس بألم، بل براحة و استرخاء تام ،لم يحزنه سوى أنه نقض عهده مع أمه ، أنه سيتركها و يرحل.
لربما لو ذهب للمدرسة، لكان مساء اليوم في حضن أمه.. وليس في حضن أديم الأرض.
لكنه لم يعلم ..أن العدو قد قصف المدرسة ..و لم يتركها سوى رمادا..
| |
|